[frame="4 10"][SIZE="5"][CENTER]ونحن على مشارف شهر ذي الحجة الكريم ويتوافد الحجيج على أرض الله تلبية لنداء سيدنا إبراهيم خليل الله فإن الله عز وجل أمره أن يبني البيت فقال يا ربَّ فكيف اعلم مكان البيت؟ فانزل الله سيدنا جبريل عليه السلام وأعلمه بأن الله سيرسل سحابة ستقف أمامه على مكان البيت وأمره أن يعلم على ظلها فإنه أساس البيت
فلما علم على أساس البيت وكشفه بأمر الله أمره الله أن يبنيه وإسماعيل عليه السلام ثم أرسل لهم الملائكة الكرام يقطعون الأحجار وينقلونها إلى حيث مكان البيت ويضعها إسماعيل لإبراهيم إلى أن تم البناء بأمر الله عز وجل ، فلما تم البناء نادى الله عز وجل إبراهيم وقال كما قال في محكم كلامه القدير {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} الحج27
فقال يا ربَّ وما يبلغ صوتي؟ قال: يا إبراهيم عليك الآذان وعلينا البلاغ فأمر الله الأرواح أن تخرج من مستقرها وأمر الجبال أن تهبط من عليائها والوديان أن ترتفع إلى مستوى سطح الأرض وأسمع الجميع آذان إبراهيم عليه السلام
فوقف إبراهيم على الجبل المواجه للكعبة {جبل أبي قبيس} واتجه مرة إلى اليمين ومرة إلى الشمال ومرة إلى الجنوب ومرة إلى الشرق وأخرى إلى الغرب وفي كل مرة يقول: {أيها الناس إن الله قد بنى لكم بيتاً وكتب عليكم الحج فحجوا}
فقلنا وقال من قبلنا ومن بعدنا من كتب الله لهم زيارة هذا البيت قلنا جميعاً: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لبيك اللهم لبيك ، منا من قالها مرة ومنا من قالها مرتين ومنا من زاد على ذلك وفي ذلك يقول نبيكم الكريم صلى الله عليه وسلم: {من لبى مرة حج مرة ومن لبى مرتين حج مرتين ومن زاد على ذلك فبحساب ذلك}{1}
فإذا كانت ليلة النصف من شهر شعبان ظهر في اللوح المحفوظ بقلم القدرة من علوم فيض حضرة الديان الحجاج الذين اختارهم الله لأداء هذا المنسك في هذا العام فتنسخ الملائكة أسمائهم ويبلغونه دعوة ربهم منهم من تبلغه الدعوة مناماً ومنهم من تبلغه الدعوة في نفسه يقظة ومنهم من يجد الشعور بالذهاب للزيارة ومنهم من يتحرك فيه الباعث لأداء الفريضة
والذي حرك هذه البواعث والذي ألهم تلك النفوس والذي أجج غرام تلك القلوب إنما هو علام الغيوب عز وجل فإذا دعاهم لزيارته يسر لهم الأسباب وبسط لهم الأرزاق وسهل لهم الأمور حتى يذهبوا لأداء المناسك ويتمون الحج لوجه الله عز وجل مصداقاً لقوله سبحانه {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} البقرة196
يذهب ابتغاء مرضاة الله لا من أجل السمعة ولا من أجل الرياء ولا من أجل اكتساب لقب فإن الله عز وجل غني عن تلك الألقاب وغني عن تلكم الأعمال وإنما {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} الجاثية15
فإذا ذهبوا إلى هناك ذهبوا تطبيقاً لأمر الله وتنفيذاً لسنة رسول الله وهمهم أداء الفريضة ابتغاء وجه الله فرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رجع كيوم ولدته أمه}{2}
خالياً من الذنوب والعيوب [/SIZE]
[SIZE="3"]{1} أخرجه ابن اسحق في سيرته والأرزقي في أخبار مكة
{2} رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة[/SIZE]