بدايةً أود التنويه إلى أنني لم أقصد من مقالي هذا الرد على هذه الحفنة من الأقزام ومدعي الوطنية (زوراً)
الذين رفعوا اللافتات العنصرية المسيئة لنادي الزمالك العريق ، ولدوره الرائد في تمصير كرة ورياضة مصر
عندما كانت تحت الوصاية الأجنبية في بدايات القرن العشرين بما فيها ناديهم الذي كان يديره الإنجليز منذ نشأته في عام 1907
واقتصرت عضويته على الأجانب حتى عام 1925 ، وإنما قصدت سرد بعض دروس الزمالك الوطنية التي ينبغي على هؤلاء التعلم منها .
ولأن الزمالك والمنتسبين إليه حملوا على عاتقهم دوماً مهمة التنوير إلى جانب تعليم الأشقاء على مدار التاريخ معنى الرياضة
وأخلاقياتها وفنونها وسلوكياتها وكيفية تشجيعها ، إلا أنهم وبرفعهم لمثل هذه اللافتات المسيئة أظهروا جهلهم للعيان ،
إيماناً منا بأن التكرار حتماً سُيعلم من غنى له – سعد الحلاق – فلن نمل من إعطائهم الدروس .
لذا
سيكون مقالي هذا مقسم إلى جزأين .. سأخصص الجزء الأول منه إلى سرد بعض
الوقائع الموثقة والأفعال التي مارسهتها جماهير تدعي الوطنية
حتى
تعيد حساباتها وتراجع من جديد وطنيتها المزعومة ، وتحكم بنفسها على من
يستحق إلقائه بأقرب صندوق قمامة قبل الزج به في مزبلة التاريخ
كما كتبوا ، وسوف أخصص الجزء الثاني إلى تعريف الجهلاء والمغيبين – عمداً – بتاريخ نادينا العريق
من خلال تقديم نبذة قصيرة ومختصرة تبين لهم دور هذا النادي الكبير في تمصير الرياضة المصرية ليتعلموا منه معنى الوطنية (فعلاً)
لا قولاً وكذباً وتلفيقاً .
قبل
أن أبدأ لابد أن أُذكر أصحاب شعارات الوطنية الرنانة والذين نصبوا أنفسهم
أوصياءً عليها يمنحوها لمن يريدوا ويحجبوها عمن لايريدوا ،
وحتى لاينخدعون أكثر وأكثر بما يقدم لهم من أكاذيب بواسطة جيش عرمرم من مأجوري الإعلام المقروء والمرئي
من المنتمين إليهم أو الذين ترتبط مصالحهم بكل ماهو أحمر ، لابد أن أُذكرهم بأن (نصف) إنجازات مصر الكروية
على المستوى القاري تحققت في آخر خمس سنوات على يد حسن شحاته (إبن الزمالك)
وقيادته
لمجموعة من اللاعبين المتميزين الذين يلعبون لمنتخب مصر قبل انتقالهم
للنادي الأهلي ومعهم لاعبي الزمالك وزيدان البورسعيدي .
وأُذكرهم أيضاً أن ( ثلث ) بطولات الأهلي على مدار تاريخه حققها في آخر ست سنوات بأقدام نفس لاعبي النادي إياه والمنتقلين إليه
بعدما تم ابتزاز ناديهم الفقير (مادياً) وتغطية مأجوريهم بإتحاد البطيخ على هذا الابتزاز عندما اخترعوا مايسمى وهماً بالاحتراف ،
وهم أجهل من أن يُقدموا للكرة المصرية مشروعاً احترافياً بمعناه الحقيقي ويتم تطبيقه فضلاً عن إغراء اللاعبين بأموال معروفة المصدر ،
وأؤكد
أنه لوحدث ذلك مع الزمالك وقام بتفريغ الأندية من نجومها (لاعبي
المنتخبات) وحقق بهم تلك الإنجازات ، كانت جماهيره ستتوارى خجلاً ، وهذا
هو الفرق .
وفيما يلي بعض الوقائع والممارسات لمنتسبي وجماهير النادي الأحمر :
·
قيام مسئول أحمر بإتحاد الكرة بتقديم شكوى ضد الرياضة المصرية إلى الفيفا
في وقت كان فيه منتخب مصر مشغول ببطولة أفريقيا الأخيرة ،
وذلك بعد
تراجعه عن استقالته وخوفاً من قبولها فيُحرم من نصيبه في البطيخة ·
قيام أحد الإعلاميين المنتمين للنادي الأحمر بالإساءة لسمعة مصر
من خلال تصريحاته الذي اتهم فيها أعضاء ومؤسسات مصرية أخرى بالتورط في مهاجمة حافلة الفريق الضيف المنافس لمصر .
· قيام نفس الجمهور – الوطني - بالذهاب إلى الإستاد ليهاجم منتخب مصر وجهازه الفني بشهادة محسن صالح (إبن الأهلي )
في
مواجهاته مع نادي ليل الفرنسي ومنتخب الدنمارك ؛ قيام نفس الجمهور –
الوطني - بالذهاب إلى الإستاد أثناء مباريات تصفيات كأس العالم الأخيرة
ليهاجم جهاز المنتخب الفني وحارس المرمى الذي هرب من جحيم النفاق والكذب.
· قيام نفس الجمهور – الوطني - بالشروع في قتل مشجعي الفريق المصري المنافس ويُضرم النار في الحافلة التي تقلهم.
· إعتداء نفس الجمهور – الوطني - بالضرب (بالمطواه) على لاعب ناشئ بالفريق المصري المنافس.
· قيام نفس الجمهور – الوطني - بحرق مشجع لنادي منافس بعد أن سكب عليه البنزين.
هذه فقط بعض النماذج من التصرفات الدالة على الوطنية التي رفعتموها كشعار ، وهناك الكثير والكثير من المواقف الأخرى الموثقة
تؤكد بيع البعض لرياضة مصر وسمعتها في سوق النخاسة وبأبخث الأثمان .
وقبل أن أدعوكم إلى مطالعة الجزء الثاني من المقال استوقفتني احتفالية قريبة لأحد عمالقة الإسفاف الإعلامي ؛
في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بترشيد الخطاب الأعلامي ، هذه الاحتفالية كانت بدعوة من جماهير الأهلي
بضرورة الاحتفال بالعيد القومي للـ 6/1 في إشارة إلى هزيمة الزمالك أمام الأهلي في مباراة لم تؤثر وقتها في حسم الزمالك لدرع الدوري
لنفس
الموسم ، وأنا بدوري أدعوه أن يكون حيادياً – على غير طبيعته – ولمدة
قليلة نحتفل فيها سوياً بهزائم الأهلي السداسية على يد الزمالك عام 1944 ،
والترسانة والترام السكندري والأوليمبي موسم 52-53 (تخيلوا في موسم واحد وكلها ستات)
كذلك خماسيات الترسانة وأربعات كل من الإسماعيلي الشهيرة ورينجرز النيجيري وبترو أتلتيكو الأنجولي ،
هذا لو كان المتحدث الرسمي ومخرجه الهمام جادين في الاحتفالات .
لا أدري لماذا لم تلفت هذه النتائج المخزية أنظار عاشقي الأرقام والإحصائيات أمثال طارق الأدور وعلاء صادق
ليعلموا أحبائهم الأهلاوية الجدد تاريخ ناديهم بشكل موضوعي وصحيح .
الجزء الثاني
لمن يريد أن يتعلم من الأشقاء معنى الوطنية أهديهم هذه النبذه القصيرة من تاريخ نادينا العظيم :
نادي الزمالك حدوتة كفاح مصرية :
بدأت
الحدوتة مع بدايات الحرب العالمية الأولى وبالتحديد عام 1914 .. وكانت
الرياضة كلها في مصر آنذاك تحت الوصاية الأجنبية ، يسيطر عليها إتحاد
أجنبي لايسمح بأي تواجد مصري بينهم ،
وكان وقتها نادي الزمالك قد تأسس منذ ثلاث سنوات بإسم نادي قصر النيل وانتقل من مقره الأول على ضفاف النيل إلى شارع فؤاد
في نفس مكان دار القضاء العالي حالياً ، بعد أن غير إسمه إلى المختلط وكان نادي أجنبي صغير ليس فيه إلا عدد قليل من المصريين ،
فتحركت
همم مجموعة من الشباب الوطني المخلص الغيور على بلده وحملوا على أعناقهم
مسئولية تمصير الرياضة المصرية وتحريرها من براثن الأجانب ،
يقودهم إعلامي شاب يدعى إبراهيم علام ومعه محمد خيري ، فخططوا لتشكيل فريق مصري يلعب بإسم الوطن ،
وإنضم إليهم موهبة الكرة الأول في مصر آنذاك حسين حجازي صاحب أقوى فريق وقتها والذي كان يسمى بإسمه .
تجمع اللاعبون في نفس العام وأقاموا مباريات ضد منتخب القوات البريطانية وقهروه ، ولصعوبة إستمرار لاعبو الفريق المصري
الوليد دون أن يكون لهم كيان له صفة رسمية يجمعهم ، فتوجهوا إلى نادي المختلط (الزمالك) والذي وافق أن يلعب هؤلاء الشباب بإسمه ،
وبالفعل انتقلوا إلى المختلط ووجدوا مبتغاهم وبدأو بتشجيع الشباب المصري على الالتحاق بهذا النادي لتكون الخطوة ا لأولى والهامة
على
طريق تمصير رياضة مصر ، فانضم إليهم إبراهيم عثمان (موظف بإدارة الأشغال)
والضابط حسن فهمي إسماعيل وعبده الجبلاوي (موظف التلغراف )
وإبراهيم
عثمان (نجل المطرب الشهير محمد عثمان) ونيقولا عرقجي (موظف التنظيم) وبعض
العائلات المصرية الكبرى مثل عائلة إسماعيل باشا حافظ
وعائلة سوكى ومصريون آخرون كُثر. **
الجدير بالذكر أن إدارة النادي الأهلي آنذاك كان يترأسه الإنجليزي الماسوني ميتشل وبه من الأجانب أكثر من المصريين ،
وعرض الشباب المصري في المختلط على المصريين بالأهلي أن يشاركوهم حربهم لتمصير رياضة مصر في عام 1916
كذلك تحرير أنفسهم أيضاً من الأجانب بإدارتهم إلا أنهم رفضوا في البداية ، ثم عادوا بعد عام كامل وفي عام 1917
ليتعلموا منهم وشاركوهم في مسابقة كأس السلطانية كمسابقة للأندية ا لمصرية وأندية أسلحة قوات الحلفاء ،
ليكون شباب الزمالك رواد حركة التمصير ويلحق بهم بعد عام كامل الأهلي من القاهرة ومن بعده الاتحاد بالأسكندرية والمصري ببورسعيد .
واصلوا الشباب رحلة الكفاح ضد الأجانب المتحفزين والمُصرين على البقاء فوق أنفاس المصريين ،
واستطاع هؤلاء الشباب أن يسحبوا الثقة من مجلس الإدارة الأجنبية للنادي (بصفتهم أعضاء الجمعية العمومية )
وانتخاب مجلس إدارة جديد من المصريين برئاسة الدكتور محمد بدر ، ومصطفى حسن وكيلاً للنادي وإبراهيم علام أميناً للصندوق
وعضوية كل من حسين فوزي ومحمود بسيوني ونيقولا عرقجي والكابتن عبده الجبلاوي ، وقاموا بإصدار بطاقات عضوية النادي باللغة العربية ،
كما استعانوا برجال مصريين أوفياء من أبناء بولاق لحماية النادي من الأجانب .
وعلى الفور تدخلت وزارة الداخلية ومستشاريها الإنجليز والسفارات الأجنبية بالقاهرة وأصروا على انتخاب مجلس إدارة جديد
يضم عدداً من غير المصريين بشرط أن يبقى الرئيس والسكرتير العام مصريين .
لم تتوقف رحلة الكفاح ضد الأجانب إلى عام 1930 ، حين نجح الإنقلاب الذي قاده نجم الكرة الزملكاوي حسين حجازي
ومعه القائم مقام محمد حيدر بك ويوسف محمد وعقدت أول جمعية عمومية للزمالك بحضور ستين عضواً ليقرروا طرد الأجانب من النادي
على
ان يكون الزمالك نادياً مصرياً خالصاً ، وجاء بأول رئيس مصري وأول سكرتير
مصري لنادي الزمالك فأصبح القائم مقام محمد حيدر بك رئيساً
بدلاً من البلجيكي بيانكي الذي تولى رئاسة النادي خلفاً لمورزباخ المتقاعد ومؤسس النادي وأول رئيس له ،
وحل يوسف محمد سكرتيراً للنادي ،وبهذا كان نادي المختلط سابقاً الزمالك الحالي صاحب الفضل الأول في تمصير الرياضة المصرية .
هذه
نبذة قصيرة مختصرة عن ملحمة نضال طويلة تحتاج إلى مجلدات لسرد وقائعها
ولكني حاولت أن أبرز من خلالها حقيقة بدايات هذا النادي الكبير
والذي ينبغي على العقلاء من المنافسين لهذا النادي ، أن تكون منافستهم شريفة وبعيدة عن التلفيق وقلب الحقائق وتزييفها ،
وبعيداً عن هذا الدورالخبيث الذي يلعبه المزورين من المحسوبين على الإعلام الرياضي للنيل من جماهيرية هذه القلعة الوطنية العملاقة ،
والذين تأثرت هذه الفئة الجاهلة بمايقدموا لهم من أكاذيب ، وليعلموا هؤلاء المزروين أن مكانه الطبيعي هو (مزبلة التاريخ ) .
*الجدير بالذكر أن اللاعب الفذ والموهبة العظيمة حسين حجازي كان قد خطفه النادي الأهلي من نادي الزمالك عام 1916
قبل أن يعود مرة أخرى إلى بيته نادي الزمالك ، وكأن الخطف عادة متأصلة وضاربة في جذور تاريخ النادي الأهلي ...